(ماسبيرو) و"قلب" الحقائق
ليلة بكاء الإعلاميات !!!
صلاح الإمام
صلاح الإمام
ماحدث على كورنيش النيل مساء الأحد (9أكتوبر 20119) هو نتيجة طبيعية لسياسة التدليل التى انتهجها النظام الفاسد على مدى 30 سنة مع قادة التطرف المسيحى فى مصر،
لقد تسلم الرئيس الفاسد الفاجر المخلوع مصر وعدد كنائسها لا يزيد على خمسمائة، وحبرهم الأكبر مبعد عن كرسيه فى وادى النطرون ، ويدير الكنيسة خمسة من الأساقفة المعتدلين ،
فأعاد المخلوع الحبر الأكبر إلى كرسيه عام 1985 ، وتركه يبنى دولة كاملة الأركان داخل الدولة الأم ، وسمح له ببناء الكنائس فى كل شارع وحارة وفى كل ميدان وطريق ،
بشكل يفوق بكثير حاجة المسيحيين ، حتى زاد عدد كنائس مصر ستة أضعاف ما كانت عليه عام 1981 ، بخلاف الأديرة التى يصل مساحة بعضها أنه يساوى مساحة كل مساجد الوطن العربى ،
فكان كالتى أتت بالذئب الذى ماتت أمه وألحقته بشاتها يرضع لبنها ، فلما شب وقويت أوصاله واحتدت مخالبه وأنيابه ، افترس الشاة التى أرضعته ،
تمادى المخلوع الفاسد فى إكرام الحبر الأعظم ، الذى فى عهده باتت الصدامات بين مسيحيى مصر ومسلميها جزءً من حياتنا اليومية ، وفى نمو وازدياد ،
وتسير بسرعة نحو مستنقع الحرب الأهلية ، وما كان هذا التدليل إكراما ،
أكثر منه تدعيما لعزوته من الفاسدين المحيطين به فى كل موقع وفى كل ركن بالدولة .
انتهز الحبر الأعظم فرصة تدليل الحاكم الفاسد له ، وراح يبنى دولة متكاملة الأركان ، حتى إذا ما انتهى من ذلك ، خرج يحارب الدولة الأم التى رضع من ثدييها ونما جسده من لبنها ،
فأطلق ميليشياته المسلحة فى الداخل تخرب وتدمر ، وأطلق أعوانه بالخارج تنبح وتعوى ، وجند كل الأبواق الإعلامية لصالح قضيته ومخططه الشيطانى .
كان تناول الإعلام لأحداث ماسبيرو تناولاً فجاً عقيماً فالمئات الذين خرجوا مسلحين بالسنج والسيوف والشوم والأسلحة النارية ،
صورهم الإعلام وكأنهم حملان ، وجنود الجيش الشرفاء مجرمون وسفاحو دماء ، وتسابقت فضائيات البيزنس فى إدانة الجيش ، وكان صدفة غريبة أن يتصدر المشهد الإعلامى ليلتها "إعلاميات" تسابقن فى ذرف الدموع من عيونهن ، وخذ عندك هذه اللقطات :
ـ مذيعة فى قناة مملوكة لأحد رجال الأعمال الطائفيين ،
بذلت جهدا خارقا فى تحويل البلطجية المجرمين إلى أبطال أصحاب قضية، وقتلاهم شهداء !!.
ـ أما المذيعة الأخرى (الحزينة دائما) التى ارتدت ملابس الحداد ،
تغاضت عن الشهود الذين رأوا بداية الاشتباكات المسلحة من جانب المتظاهرين ،
واعتدائهم على جنود الجيش والشرطة ، واستحضرت مجموعة من أهالى المصابين المسيحيين ،
ومعهم زكائب الأكاذيب ، والقناطير المقنطرة من الزور والبهتان .
ـ أما ثالثتهم فقد استضافت الطائفى الشهير وسيم السيسى ،
والذى يتطاول فى كتاباته على رسولنا الخاتم صلى الله عليه وسلم ،
فمكث طيلة وقت البرنامج يصب جام غضبه على السلفيين وعلى كل ما هو إسلامى ،
ويستعرض كل أعمال البلطجة التى قام بها مسيحيو مصر على مدى العامين الماضيين ،
ويطرحها على أنها وقائع اضطهاد !!.
ـ وإعلامية مرشحة لرئاسة مصر (!!) تقول لقناة البى بى سى :
أنا سمعت بودانى بعض أفراد الجيش يقولون "الله اكبر" .. هذا جيش طائفى .. هذا جيش طائفى ،
أى أن الجيش الذى عبر قناة السويس واجتاز خط بارليف وصنع المعجزات فى أكتوبر 1973 وهو يكبر الله اكبر، هو جيش طائفى طبقا لكلم الست بثينة ، وبالتالى فالمفروض هنا أن يتم تسريح هذا الجيش ،
واستبداله بجيش جديد من هايبر ماركت، مع شهادة ضمان ، وشهادة أخرى تضمن ألا يذكر جنوده الله !!!.
ـ بين شلة الإعلاميات يظهر هنا "شخص" وسط نون النسوة ،
إنه "أبوحمالات" حيث استحضر عبر الهاتف عماد جاد الباحث بالأهرام (الذى أفصح عن طائفيته البشعة) الذى بادر من جانبه وسأل الأخ "أبو حمالات" :
لو كانت دى مظاهرة للسلفيين كان الجيش عمل معاهم كدا ؟ فيرد أبو حمالات بسرعة البرق :
لا طبعا ، دون أن يكلف نفسه ويسأل ضيفه :
متى فعل السلفيون مثلما فعل المسيحيون اليوم ؟ متى تعدوا على الجيش ؟ ..
متى أحرقوا السيارات والممتلكات ؟ .. ووسط أصوات السيدات الإعلاميات اختفى أبو حمالات بينهن .
كان الأمر أشبه بمهزلة ، جيش من البلطجية خرج وقلبه مملوء بالحقد والكراهية ،
مشحون من قبل كبرائه ، ومبهور بفكرة الشهادة ، تحركوا طبقا لمخطط مسبق ،
أفصح عنه بعض كهنتهم أمام الكاميرات قبل أيام ، ورفعوا صوتهم بالتهديدات ،
ولما بدأوا فى تنفيذ مخططهم الإجرامى ، بالتخريب والقتل والجرح والترويع ، استخدم رجال الجيش والشرطة حقهم فى الدفاع عن أنفسهم أولا ، ثم الدفاع عن مقدرات الدولة وهيبتها ثانيا ، فإذا بالإعلام يكشف لنا عن نظريات جديدة ومكاييل ومقاييس لم يعهدها البشر من قبل فى تقدير المواقف والأحداث .
كان المطلوب ـ طبقا لهذه المقاييس ـ أن يقف جنود الجيش يتلقون الرصاص والضرب بالسيوف والسنج ،
والعصى والشوم ، كان مطلوبا منهم أن يتقبلوا المهانة على مرأى من العالم كله وهم صامتون ،
وكان مطلوبا منهم أن يروا سيارات ومعدات الجيش تحرق وتتحطم أمامهم دون حتى أن ينظروا إليها ،
أو كان مطلوبا منهم إحضار جراكن البنزين والمازوت وتقديمها للسادة المجرمين الأشاوس !!.
عقب حادث كنيسة العمرانية أذكر أننى كتبت مقالا هنا بعنوان "حادث العمرانية .. بداية التمرد المسيحى المسلح" ، ملخصه أن التمرد المسيحى فى مصر منذ تلك الحادثة انتقل إلى مرحلة أشد خطرا ،
وهى الصدام المباشر مع من لا يلبى طلباتهم أو يتحفظ عليها ، أيا كان هذا الآخر ،
ورغم أنهم فى تلك الحادثة أصابوا عشرات من ضباط وجنود الشرطة ، وأحرقوا سيارات وممتلكات خاصة وعامة ، وأطلقوا الرصاص الحى ، وقنابل المولوتوف ، وأغلقوا الطريق الدائرى ، وأهانوا كل قيادات المحافظة ،
رغم كل ذلك خرجوا مظفرين ، فتم الإفراج عن كل المقبوض عليهم خلال أيام ، وأتموا بناء كنيستهم المخالفة ، ثم تكرر نفس السيناريو بعد ذلك ،
ومازلت على رأيى الذى أعلنته فى مقال عقب حادث كنيسة القديسين بالإسكندرية ،
بأن وراء الحادث أيدى مسيحية متطرفة ، للحصول على مزيد من المكاسب .
ووصل الحال إلى أن نرى أحد الكهنة يعلن أمام كاميرات التليفزيون بأنه سيضرب محافظ أسوان بالحذاء ،
وأنه إذا لم ينفذ المشير طلباتهم خلال ثلاثة أيام "هو عارف ايه اللى ها يحصل" ،
وبعد ثلاثة أيام وقعت الهجمة البربرية على قوات الجيش والشرطة أمام مبنى التليفزيون .
الوقائع كلها تتم وفقا لمخطط مسبق ، فهو يضرمون النار ويحسبون خسائرها ،
وفى نفس الوقت يعلمون حجم المكاسب التى تزيد بكثير عن خسائرها ،
وفى كل حادثة تقع يخرجون بمزيد من المكاسب ، وأضحى منطقهم هو تحقيق كل مطالبهم بإحداث المصادمات والمشاجرات ،
ثم الظهور بمظهر المجنى عليه الضعيف الذى لا حول له ولا قوة ،
ويذرفون الدموع كما التماسيح التى تدمع بعد افتراس ضحاياها ،
ويملأون الأجواء بسحب من الكذب تحجب الشمس وتغمى الحقائق ،
حتى أنهم بعد دقائق من حادثة ماسبيرو كانوا يصرخون فى كل الفضائيات بأن "الدبابات" تدهسهم (!!)
رغم أن كل الدبابات انسحبت من كل شوارع القاهرة قبل نهاية فبراير الماضى ،
وليس ثمة دبابة واحدة فى أى شارع بالقاهرة ، ومع ذلك يصرخون بكل تبجح بأن الدبابات تدهسهم ، ونشروا صورا لجثث مشوهة وبعضها مشطورا لجزأين ، على أنها ضحايا حادث ماسبيرو ، وحقيقة الأمر أن هذه الصور بعضها عراقى وبعضها أفغانى ،
وكلاهما ضحايا الأمريكان المجرمون الذين يمثلون بجثث المسلمين فى هذه البلاد ،
دون أن يجرؤ أحد على إدانة ذلك .
ثمة نقطة أخرى لابد أن نضعها فى الاعتبار ، وهى الدور الفعال الذى قام به المحرضون على ما حدث ،
ويأتى على رأسهم ـ قبل الكهنة ـ كاتبة تحمل اسما شريفا ...,, ،
وتلعب دورا خطيرا فى إشعال الفتن والتحريض عليها ، هذه الكاتبة التى تكره بشدة كل ما هو إسلامى ،
ومن أشهر كتاب اليوم السابع والمصرى اليوم ، ذهبت إلى ماسبيرو قبل يومين من الواقعة الكبرى ،
وأمسكت بمكبر صوت ، وظلت على مدى 30 دقيقة تصرخ : فين الغيورين على دينهم ؟ ..
أنا عايزة هنا 2 مليون .. لازم كل المسيحيين يخرجوا ..
لازم تثبتوا وجودكم وتدافعوا عن قضيتكم .. إلخ من عبارات التحريض والتسخين التى يعاقب عليها القانون ،
ومع ذلك استضافها برنامج تليفزيون شهير فى ذات الليلة ، لتصب جام غضبها على كل ما هو إسلامى !!.
شيخ الأزهر من جانبه حاول القيام بدور فى طريق التهدئة بحكم موقعه ، فحاول الاتصال بالبابا ،
لكن شنودة رفض الكلام معه ، وامتنع كل رجال الملة الأرثوذكسية عن حضور اجتماع بيت العائلة ،
فالرجل وحاشيته باتوا ينظرون لرجال الدولة على أنهم رعاع لا يجوز النزول لمستواهم والجلوس معهم أو الحديث إليهم ،
وانتقلت القضية إلى دوار الصاوى تحت كوبرى مايو ، وظهر أمام كل كاميرات الفضائيات مجموعة قيل أنهم "حكماء الأمة" ،
وكان فى مقدمة هؤلاء الحكماء نجيب ساويرس ومايكل منير (مهجرى متطرف وأمريكى الجنسية)
وعمرو حمزاوى (علمانى متطرف وأمريكى الجنسية) وشلة من اليساريين والعلمانيين والملحدين ،
رأوا أن المسيحيين فى كل أفعالهم على حق ، رأوا أنهم دائما وأبدا على حق ،
وأن مطالبهم مشروعة ، وقتالهم كفاح مثل كفاح الزنوج فى أمريكا ، وأنهم لابد أن يحققوا ما حققه مسيحيو السودان ، الذين نجحوا فى تأسيس دولة خاصة بهم !!.
انتهت المقالة.